روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | الوعي.. بالتاريخ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > الوعي.. بالتاريخ


  الوعي.. بالتاريخ
     عدد مرات المشاهدة: 2738        عدد مرات الإرسال: 0

الاستعمار الاستيطاني هو أخطر وأقسى ألوان الاستعمار؛ فالاستعمار العادي الذي مارسته كثير من الإمبراطوريات الاستعمارية قديمًا وحديثًا يحتل الأرض لينهب خيراتها، وليجعلها قاعدة لأمن "المركز" الذي جاءت منه جيوشه، وليستغل شعوب البلاد المحتلة.

أما الاستعمار الاستيطاني فإنه يستولي على الأرض من أهلها، ثم لا يكتفي باستغلال السكان وإنما يقتلعهم من أرضهم وديارهم بالإبادة أو التهجير، فهو يحوِّل البلاد التي يستعمرها إلى "أرض بلا شعب"؛ ليجعلها أرضًا خالصة له من دون أهلها!!

ولعل أقدم ألوان الاستعمار الاستيطاني الذي اتخذ سياسة الإبادة للسكان، والحلول محلهم في أرضهم وديارهم، هو الاستعمار العبراني لبعض المناطق في أرض كنعان (فلسطين)..

ولعل أقدم النصوص التي تحكي صنيع هذا الاستعمار الاستيطاني العبراني هي تلك التي كتبها اليهود في أسفار العهد القديم، وزعموا أنها أوامر إلى بني إسرائيل، والتي ترسم لهم خطة الإبادة لأهل كنعان واستعمار مدنهم وأرضهم استعمارًا (استيطانًا)!

فلقد جاء في سفر "العدد" إصحاح (33: 50-53-55-56) "وكلَّم الرب  موسى في عربات موآب على أردن أريحا قائلًا: كلِّم إسرائيل وقل لهم إنكم عابرون للأردن إلى أرض كنعان، فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم..

تملكون الأرض وتسكنون فيها، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم في الأرض التي أنتم ساكنون فيها، فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم"!.

وفي سفر "التثنية" إصحاح (7: 1-3-6-7-14-16) "لا يقنع إله بني إسرائيل (بطرد) سكان البلاد التي يستولي عليها العبرانيون، وإنما يطلب منهم أكل هؤلاء السكان وهذه الشعوب!!..

فيقول هذا "الرب" لإسرائيل: سبعة شعوب دفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم فإنك تحرمهم (تبيدهم)، لا تقطع لهم عهدًا ولا تشفق عليهم ولا تصاهرهم... لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك.

إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب التي على وجه الأرض.. مباركًا تكون فوق جميع الشعوب.. وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك، لا تشفق عيناك عليهم"!!

وحتى المدن التي يصالح أهلها هؤلاء الغزاة العبرانيون، يأمر ربُّهم بتحويل السكان الذين صالحوا إلى "عبيد للسخرية"، أما إذا حارب السكان دفاعًا عن أرضهم ومدنهم، فإنَّ إبادتهم هي "الحكم الإلهي"..

بل إن هذا الحكم الإلهي واجب التنفيذ إذا صدر "قول" -مجرد قول- من هؤلاء الضحايا المساكين: "إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولًا فضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرمها (تدمرها وتهلكها) بكل ما فيها..

تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار فتكون تلًا إلى الأبد لا تبنى بعد.. وحين تقترب من مدينة كي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربًا فحاصرها.

وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، أما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك..

هكذا تفعل جميع المدن.. فلا تستبق منها نسمة ما"!! سفر "التثنية" إصحاح (13: 12, 15, 17)، وإصحاح (20: 10-16).

تلك هي "وثائق" الاستعمار الاستيطاني الذي مارسه اليهود العبرانيون قديمًا على أرض كنعان (فلسطين)، وهي ذات الممارسات التي يمارسها الصهاينة في استعمارهم الاستيطاني الحديث والمعاصر لأرض فلسطين.

بل إنها ذات الممارسات التي مارسها البروتستانت الأمريكيون مع الهنود الحمر في أمريكا.. ومع سكان أستراليا ونيوزيلندا الأصليين.. والتي مارسها الكاثوليك الأسبان مع سكان أمريكا الجنوبية الأصليين!!

فهل نتعلم الوعي بالتاريخ "لصنع التاريخ"؟!

الكاتب: الدكتور محمد عمارة

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية